« سلوى المؤيد ».. « كيف نعلم أبناءنا تحمل المسؤولية »
نصدر فى هذا العدد كتاب للكاتبة الكبيرة سلوى يوسف المؤيد تحت عنوان« كيف نعلم أبناءنا تحمل المسؤولية ».
وفي هذا الخبر نعرض الجزء الأول من الكتاب الذى يتحدث عن : وضع الحدود فى سن الطفولة، و ثالثة طرق لمعالجة شجار الأبناء.
نبذة حول تاريخ مؤلفة الكتاب
أطلت سلوى يوسف المؤيد على مجتمع البحرين في عام ١٩٧٢بعد أن أنهت دراستها الصحفية في جامعة القاهرة ..حاملة لواء الإحتراف الصحفي كمهنة جديدة للمرأة البحرينية..من خلال عملها كصحفية محترفة بوزارة الإعلام ..ثم ككاتبة حرة في مختلف الصحف والمجلات البحرينية والعربية ..شاملة مواضيعها المقالات النقدية والإجتماعية والسياسية ..والتحقيقات والمقابلات الصحفية ..والقصص الاجتماعية والمواضيع التربوية النفسية..بقلم يتميز بالرصانة..وبأسلوب يراه النقاد مزيجاً من معيار منطقي في صياغة سلسلة مشحونة بالصدق والعاطفة .
قامت سلوى المؤيد في عام ١٩٧٧ بتعريب كتاب ìأب الدقيقة الواحدة î كتاب تربوي نفساني ..يسير في مجرى عطائها التربوي لأجيال المستقبل .
ثم قامت بكتابة سيرة والدها أحد أقطاب الأعمال الحرة التجارية في البحرين في عام ١٩٨٩ في كتاب اختارت له عنواناً "إصرار على النجاح " ولم تكن تسعى وراء ذلك إلا إلى استعراض تجربته العصامية المتميزة لتكون مثال لكل شاب اختار التجارة الشريفة مهنة له ..وتعمدت الكاتبة أن تروي تلك التجربة بأسلوب قائم على القصص مغلف بخلفية بسيطة للحياة الاجتماعية والاقتصادية في فترة ما بين الثلاثينيات والتسعينيات في البحرين .
وفي عام ١٩٩٥ أصدرت كتابها التربوي النفساني" إبني ..لا يكفي أن أحبك " حيث قامت بإصداره "دار المعارف" ..وكان من خلال نماذج عملية توضح الطرق الصحيحة والسلبية في التعامل مع الطفل ..والنتائج الإيجابية والسلبية الناتجة عن تطبيق تلك الطرق التربوية ..بأسلوب حديث وسلس وعملي في إمكان كل الآباء فهمه والاستفادة منه في تربية أبنائهم .
و في بداية ٢٠٠٨ تعود الكاتبة سلوى المؤيد لتضيف للمكتبة التربوية النفسية كتاب جديد حول تربية الأبناء تحت عنوان ì إبني ..هذه حدودك لتكون مسؤولاً " متبعة نفس الأسلوب الحديث البسيط العملي في صياغة المواضيع التربوية النفسية .
يتناول هذا الكتاب الرسائل وتطبيق النتائج الطبيعية والمنطقية للأطفال والمراهقين من خلال وضع الحدود الديمقراطية التي أثبت علماء النفس والتربية أنها أفضل الطرق لتربية أبناء سعداء ومسؤولين ..
كتاب "إبني ..هذه حدودك لتكون مسؤلاً" كتاب ضروري لكل أسرة عربية ..لينشأ الأبناء بنفسية متوازنة وسعيدة ومسؤولة
أول مقال
ثلاثة طرق لمعالجة شجار الأبناء
يقع أكثر خبراء التربية في ورش إرشاد الاباء في خطأ .. يتمثل في عدم محاولتهم معرفة الأسلوب الذي يتبعه الآباء مع أولادهم للحد من تصرفاتهم السلبية .. فيقوموا بتعليمهم طرق جديدة..ويقوم هؤلاء الآباء بتطبيقها بنفس أسلوبهم السابق ..وفي النهاية لا يستفيدوا من هذه الطرق الجديدة .
أن الطريقة الصحيحة في تعليم الآباء هذه الطرق..تتلخص في أن يستعرض الأب أو الأم الأسلوب السابق الغير فعال عندما مارسه كلٍ منهما في تقويم سلوك إبنه ..ويقوم الخبير التربوي بتعليمهم كيفية تفادي أخطائهم القديمة .
مثال على ذلك يطلب الخبير من الأم أن تستعرض موقف معين مع إبنها لكي تحد من تصرف خاطىء قام به ..خطوة بعد خطوة ماذاقالت .. ماذا فعلت معه عندما ارتكب هذا التصرف السلبي .. وعندما تستعرض ما قامت به يقوم الخبير بكتابة ما تذكره على السبورة أمام بقية الآباء الحاضرين في الورشة .. ثم يبدأ في تعليمها الطريقة السليمة في التعامل مع هذا الموقف بإسلوب عملي من خلال استعراض ثلاثة طرق لوضع الحدود يدور في إطارها كل الحدود التي يضعها الآباء لتصرفات أبنا ئهم السلبية وهي :
١ــ الطريقة المتسلطة أي ( حدود بلا حرية )
٢ــ الطريقة المتسامحة أي(حرية بلا حدود )
٣ــ الطريقة الديمقراطية أي (حرية مع الحدود )
ويبدأ أولاً بالطريقة المتسلطة ليشرح للأم ولبقية الآباء كيفية التعامل مع هذا الموقف بهذه الطريقة .
لنفترض هنا أن الأم واجهت مشكلة مع شجار أبنائها عندما يلعبون بألعابهم ..هنا يشرح للحضور كيفية تعامل الأم مع هذا الموقف بالطريقة المتسلطة..ثم يعيد معالجة نفس الموقف بالطريقة المتسامحة ثم يعيد الموقف نفسه بالطريقة الديمقراطية ..لتري الأم وبقية الآباء أي طريقة من الطرق استخدموها ..وماهو الخطأ الذي ارتكبوه..وماهي الطريقة الصحيحة المؤثرة في معالجة هذا الموقف وغيره من المواقف المشابهة له .
ويستعرض الخبير الموقف بدخول الأم الغرفة لتفا جىء بشجار إبنيها علي ومحمد على لعبة واحدة .. فتقول بصوت عال :
”ماذا يحدث هنا ..ألا تستطيعان اللعب دون أن تتعارك كالحيوانات المتوحشة “.
قال على”كانت اللعبة في يدي ..وأخذها مني “
قال محمد ” لا..أنا الذي كنت ألعب بها الأول ..دعيه يعطيني إياها “
بدأت الأم تفقد صبرها فقالت ” لا يمكن أن يكون كل واحد منكما أخذها الأول ..لا بد أن يكذب أحدكما ..الأفضل أن تقولا لي الحقيقة ..من الذي أخذها الأول .”
أجاب علي “أنا الذي أخذها الأول” .
رد محمد”كذاب ..أنا الذي أخذتها الأول “
أجابت الأم” أعرف أنني لا أستطيع أن أثق فيكما..كلاكما كذاب ..لن يلعب أحد منكما بهذه اللعبة ..سأخفيها..والآن إذا سمعت أي شجار منكما ستقضيان بقية الليل في غرفتهما ..هل تفهمان ؟
سخر علي قائلاً “ بدأت تعاقب ..هي شاطرة في العقاب .”
قال محمد معقباً “ ويسعدها أن تعاقبنا على أبسط الأشياء “.
صرخت الأم غاضبة ” أنا لن أسمح لإحد أن يكلمني هكذا ..إذهبا كلاكما إلى غرفتكما ..ولا تخرجا منها إلى الغد .”
قال على “أنا متأكد أنك تسعدين عندما تشقين من حولك” .
أكد محمد على كلامه
وفقدت الأم أعصابها قائلة ؛إذهبا إلي غرفتكما ..الآن “(وضربت كل واحد منهما على مؤخرته وهما في طريقهما إلى غرفتهما ).
وهنا يوضح الخبير أن هذا الموقف يتكرر في معظم الأسرفي ظل الطريقة المتسلطة في العقاب للحد من تصرفات الأبناء السيئة
إن دور الآباء في هذ ا الإسلوب التربوي لا يزيد عن كونه مثل الشرطي أو القاضي أو السجان..يستقصون ذنوب أطفالهم ..يلومونهم يعاقبوهم ويحاضروهم ..أي أن الآباء هم الذين يوجهون ويتحكمون في حل مشاكل أبنائهم .
سنلاحظ في هذا الموقف مثلاً ان الأم منذ أن دخلت على طفليها لم تفعل أكثر من أن تحدد الصح والغلط و توجه الذنب واللوم لأطفالها ..ولم يزد على أن تصف ابنها بالكذب ..ويستغل الطفلين هذه النقطة فيوجهان الاتهامات لبعضهما البعض ..مع استمرار الأم في اللوم والاتهام.. ويزداد ضيقها وتصاب بخيبة أمل ..وفي وسط هذا التفاعل بين سلوك الأم وسلوك طفليها..ازدادت حدة غضبها .. وأخذت كلام ولديها على أساس أنه مس لشخصيتها كأم ..وانتقل الصراع بينها وبين ولديها إلى فرض كلمتها عليهما ..والشجار بين الطفلين أصبح الآن في درجة أقل من الأهمية ..أي الأهم الآن هو من يكسب معركة القوة الأم أم الطفلين ..أي من يملك زمام القوة في هذا الموقف ..وانتهى الأمر إلى أن قامت الأم بعقاب الوالدين بسبب عدم طاعتهما..وأخفت الألعاب ..وهددت بنتائج أقسى إذا لم يتعاون معها طفليها ..لكن الأمر استمر واللعب بين الطفلين وشجارهما لم يعد المسألة الرئيسية ..المشاعر قد جرحت والطفلان يريدان الإنتقام .. فأخذوا يحاولون إثارة غيضها بتعليقاتهم غير المؤدبة ..وازداد بذلك غضب الأم ..وقامت باستخدام آخر ورقة قوة لديها ..ضربت ولديها وأرسلتها إلى غرفتهما ليقضيا بها بقية ليلتهما .
وهنا أطرح هذا التساؤل ..ماذا استفاد الطفلان من هذا العقاب ؟
لقد أوقفت الأم السلوك السيء ..لكن هل تعلم ابناها مهارة جديدة في التعامل مع شجارهما مستقبلاً ..؟ هل حصلا على دروس إيجابية موضوعية حول حل مشاكلهم ؟..الواقع يقول أن الطريقة المتسلطة في وضع الحدود تنهي السلوك السيء لكنها لا تعلم الطفل الاستقلالية في حل المشاكل .. ولا تنمي لديه الإحساس بالمسؤولية والسيطرة على النفس .. لأن الآباء من خلال هذه الطريقة هم الذين يملكون سلطة اتخاذ القرار..وهم الذين يحلون مشكلات أبنائهم..والأطفال لا يملكون شيئاً من هذه الطرق لكي يتعلموا كيف يحلون مشاكلهم عندما يتشاجر ون في المستقبل ..لم يتعلموا كيف يتعايشوا بسلام وهم يلعبون .وسيعيد ون نفس الشجار والعراك وسيلوم كلٍ منهم الآخر ..ويتنادون بأقبح الصفات .
إذن من الأفضل للاباء أن يبتعدوا عن العقاب لإنه يجرح مشاعر الأطفال ويثير غضبهم ومقاو متهم أو يلجأوا إلى الإنسحاب السلبي .. والعقاب القاسي يقف حائلاً دون التعاون الذي نسعى إليه مع أبنائنا ليعيشوا في وفاق وتفاهم ويعم الهدوء والسلام محيط الأسرة.
http://Www.salwaalmoayyed.com.bh